منتدى السرايا
منتدى السرايا
منتدى السرايا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى السرايا


إسلامية - من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.
 
الرئيسيةرئيسية الموقعأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الدفاع عن الأوطان الإسلامية لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس في المسجد الحرام 28/2/1431 هـ

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
السرايا

الدفاع عن الأوطان الإسلامية    لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس          في المسجد الحرام  28/2/1431 هـ Stars12
السرايا


عدد المساهمات : 3394
السٌّمعَة : 43
العمر : 37
الموقع : I`m Egyptian _ In Riyadh.KSA

الدفاع عن الأوطان الإسلامية    لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس          في المسجد الحرام  28/2/1431 هـ Empty
مُساهمةموضوع: الدفاع عن الأوطان الإسلامية لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس في المسجد الحرام 28/2/1431 هـ   الدفاع عن الأوطان الإسلامية    لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس          في المسجد الحرام  28/2/1431 هـ Emptyالجمعة فبراير 19, 2010 7:53 pm




الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده - تعالى - سرًّا وجهارًا، ونشكره على مِنَنِهِ شكرًا مدرارًا، سبحانه عَزَّ إلهًا مُنتقمًا جبارًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تعلي للدين منارًا، وتحفظ منا ذمارًا، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله أَعَزَّ به الإسلام شِرعةً ودارًا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المصطفين إيثارًا وآثارًا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان يرجوا تبوُّؤًا في جنان الخلد وقرارًا، وسلّم تسليمًا مديدًا درارًا.

أما بعد، فيا عباد الله:
اتقوا الله - تبارك وتعالى -، اتقوه خضوعًا وامتثالًا، بكرًا وآصالًا، تحقَّقوا عِزًّا وجلالًا، وسُؤدَدًا وكمالًا: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5 ].

أيها المسلمون:

استنباءً لمعاقل الفطرة وسنيّ القيم، واستنطاقًا لمشارق العلياء والشمَم، من مَعِينِ شريعتنا الغَرَّاء وعُبَابها، ومضامينها الباهرة في مقاصدها وآرابها، نُدرِكُ جليًّا بأنها باركت الفطر السليمة، والنفوس المستقيمة، المُعتصِمة بدينها، التوَّاقة لديارها، النَّزاعة لمنازلها وأقطارها؛ لأن المغاني تعبق برحيق الأمجاد، وتؤرّج الأشواق في صميم الفؤاد.

لذلك امتدحت الشريعة الربانية الذابِّين الأُبَاة، واستنفرت الصادقين الكماة، أن يهبُّوا دفاعًا عن أوطانهم الإسلامية أن تُنتَهك، وأعراضهم الشريفة أن تُستَلَب من أي باغٍ مُعتسف، أو طائش الحجا مُنكسِف؛ لأن البغي ممقوتٌ في كل نفس، مُستبشَعٌ في كل عقل.

فأَولَى بشريعة الرحمة والعدل، والعصمة والأمن أن تبُكَّه، ومن شأفته أن تدكَّه، وإِنْ جشَّم ذلك المشاق، وأظهر الأعناق، في شَمَمٍ وحميَّة، ومعاطس تعافُ الدنيَّة، برهان ذلك ورسمه: قوله - جلَّ اسمه -: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} [الشورى: 39 ].


والأوطانُ - يا عباد الله - أسمى من أن تُفسَّر بالتراب والطين؛ بل هي حِمَى العقيدة والدين، والجوهر الثمين، من المحارم والمكارم التي جمعها الدين القويم؛ فلله ما أبهى المكان وأروع المكين! ولله حق الدين وما أعظمه، وحق الذمار وما ألزمه!
أيها المؤمنون:

وفي هذا الأوان الذي ذوت فيه جذوة الإيمان لدى فئةٍ باغية كبَّلها المكرُ والبهتان؛ بل انمَحَقَت منه خِلال النُّبْل والأصالة والعرفان، ولم يُبالوا بحسن الجوار وإن ماد، أو تنتهك حدود آمنة كِئاد، بمكرٍ باغٍ وعاد، ممن حاولوا - وبئس الصنيع الشنيع - التسلُّل لهذا الغيل، فارتكسوا في مستنقع الغدر وهانُوا، وعلى حقوق الجار تمرَّدوا ومالوا، وذلكم هو الجرم المبير، والإفك والتكبير:


فأين حجا المعتدِي ورشاده؟ = وأين منه عقله وسدادُه؟

لوْ كانَ ذَا رأْي لقدَّر أمرَهُ = ولَعَادَ عنْ إرهابِهِ وتَأثّمَ

أوْ كَان ذَا عقْلٍ لَصَانَ لجارِهِ = حقًّا وبادَلَه الْوَفاءَ وعظَّمَ

أَتراهُ يجْهَلُ قدْرَ مهبِطَ وحْينَا = سبْحَان مَنْ منحَ العُقُولَ وقسَّمَ

إخوة العقيدة:

ومما تأكد بجلاء لدى النَّصَفَة بلا مراء: أن الواهِمِين بالتسلُّل عبر حدودنا الشمَّاء، قد توطَّنهم البغي وقَطَن، وما أظهروا من حقدٍ وغدرٍ أقل مما بَطَن، وكلا أن يطمحوا لسلامٍ في وطن، أو يتعشَّقوا هناءً في زمن، أو استدرارًا لآلاءٍ ومِنَن، كيف وقد سَعَوا في أرضهم بالفساد؟!

وامتنُّوا في مجتمعهم بالعناد، مُتقصِّدين بُؤَرَ الختل والزيف، ونافوقاء القنص والدسّ والحَيْف، يريدون لترابط الأشقاء أن يتنافر، ولعقد تآخيهم أن يتناثر، ولكن هيهات هيهات!


ومُخَاتِلٍ يُبْدِي انفعالَ مخَاتِلٍ = متبسمًا وضمِيرُه مُتجهِّمُ

وتُرِيدُ صِدْقًا مِنْ سَجِيَّةِ جَائِرٍ؟! = وَمَتَى أَفَادَ الشَّهْدَ يَومًا عَلْقمُ؟!


ولوْ أنهُم عمَّرُوا في دُوْرِهم مَا مِنْهَا دمَّرُوا، ورصفُوا ما منها نسفُوا، وسَعَوا في بناءِ عقولِهِم وأرواحِهم لكَانَ لهم أنفعُ، ولمجتمعِهم أوْلى وأرْفَع.
معاشر الأحبة:

ويتملَّك الغيور الدهَش والعجب أن يُناوِش وُضعَاء الخلال قِمَمَ الجبال والأبطال، فبقاعٌ شريفةٌ فَيحاء قضى لها الباري – سبحانه – بعِزِّ الإسلام وتحكيمها شرع الملك العلام، ألا تبأس، ولا تضل، ولا تهن، ولا تذل؛ أليست هي مُتَنَزَّل القرآن، وموئل الأمن، ومأرِز الإيمان، ومهد البطولات والفتوحات، ومبعث المكرمات والغيوثات؟

هي درَّةُ الأوطَانِ بالدِّينِ الَّذي = أهْدَى لها عزَّ المقام وأكْرمَ

هي قرَّةُ البُلدانِ خارِطَةُ المدَى = تغلُو القلُوبَ هدًى وتُسْقَي زَمْزمَ

تلتاع الدنيا بأمصارها وأقطارها، فلا تجد الركن الشديد، والرأي الحصيف السديد، والعمل الصالح الرشيد، إلا في رياضها الفَيْحَاء المُنوَّرة دامت عن كيد الأعداء محفوظةً مُسوَّرة؛ بل كيف يُفكِّر هؤلاء الأفدام، ولهذه الديار في قلب كل مسلم حبٌّ في السويداء مسطور، وفي كل جيلٍ تأريخٌ منشور، وكل هيجاء لواءٌ منصور، وفي كل غفرٍ فَنَنٌ مندور، ومجدٌ أخَّاذٌ منظور.

هنا العقيدةُ والتوحيدُ رائدُها = آيُ الهدَى وإليهَا تنظُرُ المُقلُ

هنا الإخاءُ تراءَى في أصَالتِه = هُنا الوفاءُ هنَا الإيمانُ والمُثلُ

أيها الأخوة الأماجد:


وليس ذلك انتشاءً وإذلالًا؛ بل إبراهًا لمن تناساه من الكاشحين، فهذا الكيانُ النظيم - بحمد الله - لا يُضمِر لأحدٍ حقدًا، ولا ينقُض عهدًا؛ بل يُقايِضُ من سَالَمَه برًّا وودًّا، لكنه صارمٌ بتّارٌ لمن رَامَ منه خدشًا أو إدًّا.

لا نبْتغِي الظُّلمَ أوْ نسْعَى لمطلبِه = فحدُّ جيرانِنَا مَا مُسَّ بِالضَّررِ

وإن أتَى ظالمٌ يبغِي مرابِعَنا = فحتْفُهُ عنْدَنا نُصْلِيه في سَقَر

أمة الإسلام:

وبعد أن كتب الله النصر المبين، والظَّفَر والتمكين، واجتُثَّت من المُتسلِّلين أصولهم، وفُلَّت نسورهم، وارتدُّوا إلى جحورهم، والهزيمة تستَعِر في نحورهم، وانقلبوا بخناجرهم في حناجرهم، نَلهَجُ بالشكر والثناء للباري - جل وعلا -.

كما نرفع تحيةً شذيَّةً، مُكبَّرةً ذكيَّةً، مُكرَّرةً مُعطَّرةً، تحيةً إجلالٍ واعتزاز، وثناءٍ وفخرٍ بامتياز، إلى جنودنا الأشاوس، ورجال أمننا كماة المتارس، من أزكى المغارس المُرابِطِين على ثُغُورنا الأبيَّة من فتيةٍ طافَ الجلالُ بمجدهم عشَقُوا العُلَا ورحابة الميدان، لكم السلام مُطيَّبًا وتحيةٌ من هائمٍ بمناعة الأوطانِ.


فيا حُماةَ العرين، وأُباة العرنين: طِبْتُم وطاب جهادكم ودفاعكم، وهنيئًا لكم قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَاتلَ في سبِيلِ اللهِ فُواقَ ناقة وَجَبَتْ لهُ الجنَّة»؛ أخرجه أبو داود، والترمذي من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.

تِلكَ الجزِيرةُ أرضُها وسمَاؤها = حرَمٌ على مَنْ رَامَ أنْ يَتصَيَّدَا

في القَاذِفَاتِ النَّافِثَاتِ بَوَاشِقٌ = فَوقَ الحُدُودِ لمَنْ تسلَّلَ أوْ عدَا

كتائبَ البطولة، وحواري الرجولة:

بُورِكتم ووُفِّقتم وأُجِرتم إذ سهرتم، فنِمْنا وذُدْتُم، فأمِنَّا في استبسالٍ لا يعرو منَّا، خُضْتُم المكاره والمَعَامِع، فوَجَبَ علينا لكم الدعاء بفَيْضِ المَدَامِع، كيف وما منكم إلا وذائدٌ عن الحِمَى وحامِيه ومُشتَريه بمهجته وفاديه، رقيًّا في معارج العظمة والمجد، أو وُلُوجًا - بإذن الله - في جِنَانِ الخُلْد.


فطُوبَى لكم قول المصطفى الحبيب - عليه الصلاة والسلام -: «عيْنانِ لا تمسُّهُمَا النَّار: عينٌ بكَتْ مِنْ خشيةِ الله، وعينٌ باتَتْ تحْرُسُ في سبيلِ الله»؛ أخرجه الترمذي، وصحَّحه.

واحْتَمَلْتمْ ما تبُثُّ الأفَاعِي = مِنْ سمُومٍ حوْلنَا قدْ تخِيلُ

غيْرَ أنَّ الله أمْضَى قضَاه = أنَّ كيْدَ الماكِرينَ فلِيلُ

فلتهنِكُمُ المرابطة في سبيل المولى الجليل، ولتنعموا دومًا بالفضل الجزيل، والثواب الجميل.

أخرج البخاري في «صحيحه» من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رِبَاطُ يومٍ في سبِيلِ اللهِ خيرٌ مِنْ الدُّنيا ومَا علَيهَا».

للهِ دُرُّ مُرَابِطِينَ بِذِكْرِهِم = قَدْ أنجدَ الخبَرُ الصَّحِيحُ وأتهمَ

هُمْ جُندُنا لم يجبُنُوا لما رأَوْا = وجْهَ البُغَاةِ على الحدُودِ تَجَهَّمَ

وحسبكم - أيها الأفذاذ المُرابِطُون - شرفًا وفخرًا؛ الاستشهاد في ساحات النِّزَال والجهاد، وأن الدماء الزكيَّة التي عطَّرتُم بها ميادين العِزِّ والبسالة، أوسمةٌ على صدر هذا الكيان وغُرَّةٌ فى جبين الزمان، وستُدوَّن في طروس التأريخ بمِدَاد النور، والغِبْطة والابتهاج والحبور: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ...} [آل عمران: 169- 170 ].

ولله درُّكُم من كتائب نجائد عدَّتكم، وسلاحُكم إيمانُكم وصلاحُكم، ونَبْلُكُم نُبلُكُم، وكنانتُكم أمانتُكم، مُبتغَاكم السامي الفريد مرضاة ربكم، مرضاة مولاكم رب العبيد، وطاعةُ وليِّ أمركم العتيد، وتطهير حدودنا من كل مُستأذَب رِعديد.

فعلى قِلاعِ جبال الجود نقشتُم أروع كِفَاحات المجد والصُّمُود، وتلكُم هي جواهر العقيدة التي حقَّقتُمُوها فَهمًا شاملًا، وشعورًا وهَّاجًا عاملًا، في أحلى ولاءٍ وأوفاه، وأشرف وفاءٍ وأحفاه.

فيا بُشراكم ويا بُشرَى البلاد والعباد بكم.

أبطالُنَا وهُمُ أحادِيثُ الندَى = ليسُوا علَى أوطانهم بشِحَاحِ

صبَرُوا علَى مُرِّ القِتالِ فأَدْرَكُوا = حُلْوَ المنَى مَعْسُولةَ الأقْدَاحِ


{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69 ]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200 ].
بارك الله لي ولكم في الكتاب المبين، وفي سُنَّة سيد المرسلين، وحَمَى ديارنا من كيد الكائدين، وحقد الحاسدين، وبَغْيِ المُعتَدِين، ووفَّق رجالَ أمنِنَا أجمعين، وكتب شهداءَنا في أعلى عِلِّيِّين، إنه نعم المولى ونعم النصير والمُعِين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل خطيئةٍ وإثم؛ فاستغفروه إنه كان غفارًا، وتوبوا إليه إنه كان توابًا.






يـــــــتــــــــــبــــــع


""" خطبة الجمعة حضرتها فى المسجد الحراااااااام """
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السرايا

الدفاع عن الأوطان الإسلامية    لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس          في المسجد الحرام  28/2/1431 هـ Stars12
السرايا


عدد المساهمات : 3394
السٌّمعَة : 43
العمر : 37
الموقع : I`m Egyptian _ In Riyadh.KSA

الدفاع عن الأوطان الإسلامية    لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس          في المسجد الحرام  28/2/1431 هـ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدفاع عن الأوطان الإسلامية لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس في المسجد الحرام 28/2/1431 هـ   الدفاع عن الأوطان الإسلامية    لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس          في المسجد الحرام  28/2/1431 هـ Emptyالجمعة فبراير 19, 2010 7:58 pm






الخطبة الثانية


الحمد لله وليّ المتقين، أحمده - تعالى – وأشكره، حمدًا لا يتناهى ولا يبِيْن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كَتَبَ النصرَ لعباده المؤمنين، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبد الله ورسوله الزكِيّ الأمين، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آل بيته الأطهار الميامين، وصحبه البالغين بالقددِ ذُرَا التمكين، والتابعين ومن تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله -، واستدرِكُوا سوابق الحوبات بلواحق التوبات، يكن العِزُّ رديفَكم، والتمكينُ والنصرُ حليفَكم.

إخوة الإيمان:


وجديرٌ بنا ونحن نرشُفُ - بحمد الله - من النصر أعذبَ الأفاويق، ونعُبُّ من الظَّفَر أهنأ رحيق، ألَّا تزيدنا تلك الزوبعة الرعناء إلا صمودًا في الحق، ونصرةً لقضايا مجتمعنا وأمتنا، وسدادًا في الأمور، وسِدادًا للثُّغُور، وثقةً في وعد الله بالنصر لدينه وأوليائه: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40 ]، وألَّا يطوح بنا نُكران الإحسان، والتربُّص دون توان، في شَعَثَات اليأس والإحباط؛ فدينُنَا دين الأمل والقوة التي تستوجِبُ الهيبة والاحترام، لا الإرهاب والإرهاب والإجرام، وأن ترسخ العقيدة الإيمانية لدى النشء والأجيال في تمازُجٍ مع الحميَّةِ الدينية، والنخوة الوطنية، وَفق الضوابط الشرعية المقاصدية في توسُّطٍ واعتدال التي يُعانِقُ فيها الوطن الإسلام تعانُق الألف واللام، في ارتكازٍ على العلم المتين، والفكر المُتأصِّل المكين، والأخلاق المؤتَنِقَة، والفضيلة المُؤتَلِقَة.


ألا فلتسلَمِي ديار التوحيد شامخةً في قوةٍ وأَيْد، سالمةً من كل مكرٍ وكَيْد، حائزةً لكل برٍّ وخَيْر، منيعةً عن كل سُوءٍ وضَيْر، تغاديك المِنَن الباطنة والظاهرة، والأمجادُ والانتصاراتُ الباهرة.


ولازلتِ للأمة الإسلامية العينَ الحانية الباصرة، واليدَ الطُّوْلَى الناصرة، والركن الوثيق، والشقيق الشفيق؛ فهل يعِي بعد ذلك الدروس والعبر أهلُ البَغْيِ والمَكْرِ الغُدَر، ويروم حينئذٍ الفوز والظَّفَر؟!



ماذَا يظنُّ المعْتدِي؟ أَيظُنُّها = ستمدُ كفًّا بالزُّهورِ إذَا رَمَى
مَنْ أضْرَمَ الفِتنَ العِظَامَ مُكَابِرًا = فَلَسوْفَ يلْقَى الموْتَ فِيمَا أضْرمَ
فلله الحمد والشكر على النصر المُؤزَّر الأثير، وسلامة الثغور والتطهير.



أحبتنا الأكارم:
بيد أن استبشارنا بنهاية هذه الأحداث، وما مَنَّ الله به علينا من تطهيرٍ للإحداث، لا ينبغي أن يُنسِينا قضايا أمتنا؛ لاسيما قضيتنا الكبرى (قضية فلسطين والأقصى)، وما يلفها في هذه الآونة بالذات، من مآسٍ واعتقالات وتعديات، واستطالةٍ سافرةٍ في الهدم والحصار والاعتداءات، واستمرارٍ للضربات والغارات؛ مما أوصَلَ الأسى مداه، وبَلَغَ من السَّيْلِ زُبَاه.


لذا، وبراءةً للذمَّة، وإعذارًا للأمَّة، وقبل أن تستيقظ الأمة على سَلْبِ مُقدَّساتها، ونهب مُقدَّراتها، نُناشِدُ قادةَ المسلمين وأصحاب القرار في العالم - من منبر المسجد الحرام من جوار الكعبة وزمزم والمقام - التصدِّي بكل قوةٍ وحَزْم، لوَقف التهديدات الصهيونية، والتنكيلات اليهودية اللاإنسانية، ضد إخواننا في فلسطين وقُدسنا السليب، ورفع الظلم عنهم والحصار، والتصدِّي لما يُلقُونه من يهود من مكرٍ كبار.


مع كل ذلك مُتفَائِلين مع كل ذلك - بإذن الله - بالنصر المُؤزَّر القريب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 45- 46 ].


هذا، وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على نبيِّ المرحمة، وقائد الملحمة، سيد ولد آدم غير مُدافَع، وخير من ذبَّ عن الدين ودَافَع، كما أمركم المولى العزيز الحميد في القرآن المجيد، فقال - تعالى - قولًا كريمًا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56 ].


صلَّى عليْه وسلَّمَ الله الذي أعْلاهُ = ما لبَّى الجمِيعُ وأحْرَموا
وعلَى قَرَابتِهِ المقَرَّرِ فضْلُهُم = وعلَى صحَابَتِهِ الَّذينَ هُمُ هُمُ
جَادُوا عُلُوًّا ضاءوا حمَوا زَانُوا هَدُوا = فَهُم علَى السِّتِّ الجهاتِ الأنجُمُ
قُلْ لِلْمُعَاتِبِ إذْ تَعجَّلَ إنهُ = ما شكَّ في قَدْرِ الصَّحابةِ تيِّمُ


اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحْمِ حَوْزَة الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا، سخاءً رخاءً، وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا ووُلاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا - خادم الحرمين الشريفين -، اللهم وفِّقه لما تحب وترضى، وخُذ بناصيته للبرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه ووليَّ عهده ونائبه الثاني، وإخوانهم وأعوانهم إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد.


اللهم إنا نسألُكَ النصر المُؤزَّر لإخواننا المسلمين المُستضعَفين في كل مكان يا رب العالمين، اللهم انصر إخواننا في فلسطين، اللهم انصر إخواننا في فلسطين، اللهم انصر إخواننا في فلسطين على الصهاينة المُعتَدِين، اللهم عليك بأعدائك فإنهم لا يُعجِزُونك، اللهم شَتِّت شملَهُم، وفرِّق جمعَهم، واجعَلهم عبرةً للمُعتَبِرين، واجعلهم هم وأموالَهم غنيمةً للمسلمين.


اللهم وفِّق رجالَ أمنِنا، اللهم وفِّق رجالَ أمنِنا، والمُرابِطين على حُدود وثغور بلادنا، اللهم وفِّقهم وأعِنْهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ارحم شهداءهم، اللهم تقبَّل شهداءهم، اللهم عافِ جَرحَاهم، واشفِ مرضاهم، ورُدَّ مفقودهم يا حي يا قيوم، اللهم احفظهم من بين أيديهم، ومن خلفهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، ومن فوقهم، ونعوذ بعِزَّتِك أن يُغتالوا من تحتهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.


ربنا آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنَا عذاب النار.


اللهم أغِثْنَا، اللهم أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، اللهم أنتَ الله لا إله إلا أنت، أنتَ الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سُقْيا رحمة، لا سُقْيا عذابٍ، ولا بلاءٍ، ولا هدمٍ، ولا غَرَقٍ، اللهم إنَّا نستغفِرُك إنك كنت غفارًا، فأرسِل السماء علينا مدرارًا.


ربنا تقبَّل منَّا إنك أنت السميع العليم، وتُبْ علينا إنك التواب الرحيم، واغفر لنا ولولدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مُجِيبُ الدعوات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Mtop
أعضاء الشرف
أعضاء الشرف
Mtop


عدد المساهمات : 543
السٌّمعَة : 10
الموقع : فى اى حتة تلاقينى

الدفاع عن الأوطان الإسلامية    لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس          في المسجد الحرام  28/2/1431 هـ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدفاع عن الأوطان الإسلامية لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس في المسجد الحرام 28/2/1431 هـ   الدفاع عن الأوطان الإسلامية    لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس          في المسجد الحرام  28/2/1431 هـ Emptyالجمعة فبراير 19, 2010 9:22 pm




اللهم وفِّق رجالَ أمنِنا، اللهم وفِّق رجالَ أمنِنا، والمُرابِطين على حُدود وثغور بلادنا، اللهم وفِّقهم وأعِنْهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ارحم شهداءهم،


بارك الله فيك


خطبة مميزة للشيخ السديس

أنا برضه سمعتها

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السرايا

الدفاع عن الأوطان الإسلامية    لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس          في المسجد الحرام  28/2/1431 هـ Stars12
السرايا


عدد المساهمات : 3394
السٌّمعَة : 43
العمر : 37
الموقع : I`m Egyptian _ In Riyadh.KSA

الدفاع عن الأوطان الإسلامية    لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس          في المسجد الحرام  28/2/1431 هـ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدفاع عن الأوطان الإسلامية لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس في المسجد الحرام 28/2/1431 هـ   الدفاع عن الأوطان الإسلامية    لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس          في المسجد الحرام  28/2/1431 هـ Emptyالجمعة مارس 19, 2010 3:57 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الدفاع عن الأوطان الإسلامية لفضيلة الشيخ د:عبد الرحمن السديس في المسجد الحرام 28/2/1431 هـ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الغش لفضيلة الشيخ: حسين بن عبد العزيز آل الشيخ في المسجد النبوي 5/3/1431
» نعم الله ووجوب الشكر لفضيلة الشيخ: علي بن عبدالرحمن الحذيفي في المسجد النبوي 29/1/1431
» الفتنة والابتلاء سنة جارية في الأولين والآخرين لفضيلة الشيخ د:صالح آل طالب في المسجد الحرام 5/3/1431هـ
» الشيخ السديس يطالب بالحجر على أصحاب الفتاوى الشاذة
» الشيخ السديس يدعو لإقامة هيئة عليا لإدارة الأزمات والكوارث وأخرى لمكافحة الفساد والخيانة ترتبط بولي الأمر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى السرايا :: ۩۞۩₪ المنتدى الاسلامي ₪۩۞۩ :: دروس للـعـلـماء-
انتقل الى: